2
من المواقف الجليلة للأم تيريزا أنها عند استلامها جائزة نوبل للسلام حرصت على ارتداء الزي الهندي المتواضع الذي كانت دوماً ترتدية في حياتها، وهو عبارة عن ساري هندى أبيض اللون موشى باللون الأزرق، ويبلغ سعره دولاراً واحداً. كما أنها طلبت إلغاء العشاء التقليدي الذي تقيمه لجنة جائزة نوبل للفائزين، وطلبت ان تعطى المبلغ لتنفقه على إطعام 400 طفل هندي فقير طوال عام كامل، وعندما حصلت على جائزة نوبل للسلام كان تعليقها:
“إنني لا أستحقها”، ولكنها وهبت قيمتها المالية للفقراء قائلة: “إنها منهم ولهم”.
“إنني لا أستحقها”، ولكنها وهبت قيمتها المالية للفقراء قائلة: “إنها منهم ولهم”.
3
يستوقفنى كثيراً مدى الغرور الحادث في الأوساط الأدبية والفنية عند تتبعي لحوارات الكتاب والكاتبات، أو ما يتم تداوله في الانترنت من مقالات ومتابعات لأخبارهم ونشاطاتهم، لنشهد حجم التهاويل والمقدمات والاستعراضات المخجلة، وكلما مضى الوقت بنا لحظنا تفاقم الأمور، بل تعديها للحد المحتمل من المكابرة ونفاق الذات والنرجسية والأستذة، حتى يكاد “الأيجو” أن ينفجر بغتة وهم يستعرضون وهم الأمجاد والبطولات برفقة شلة من المنافقين والمطبلين لانتصاراتهم، لنتساءل كل هذا من أجل أبيات شعرية، أو صدور ديوان شعري، أو دعوة لحضور مهرجان.
4
القلب النقي هو اسم بيت الأيواء للأطفال المشردين في كلكتا والذي استطاعت الأم تيريزا بقيمة الجائزة “190 ألف دولار” أن تفتح أبوابه لاستقبال آلاف الأطفال.
تشكل سيرة الأم تيريزا درساً لا يستهان به لتلقين العالم كله معنى التواضع أمام إبداع الله والحياة، التواضع أمام المحبة غير المشروطة، وأن حقيقة الإبداع لا تتجلى بالسعي وراء أوهام المجد والجوائز، بل بحضور الحس الإنساني تجاه عذابات الناس، ومحاولة رفدها بالرحمة والعطاء، لذا لم تتخل عن شرطها الإنساني ذاك أمام لجنة جائزة نوبل، ولم تهتم بالمأدبة بل بمئات الأفئدة المنطرحة على أرصفة الهند وهي تفترك كبدها من الفقر والجوع.
5
هكذا ترسل لنا كلماتها النقية كما الصلوات:
- “الناس جياعٌ إلى كلام الله الذي يؤتي السّلامَ، والوحدةَ والفرحَ. ولكن لا يسعكَ أن تُعطي ما لا تملِك. ولذلك يتحتمُ عليكَ أن تعمقَ فيكَ حياةَ الصّلاة. كن صادقاً في صلواتك، والصدقُ كامنٌ في التواضع.
- التزام الصمت الداخليّ ليس بالأمر السهل، ولكنّه جهدٌ لا بد منه. غير أننا، في الصّمت وحده، نكتشف قدرةً جديدة.
- تذكّر، قبل أن تتكلّم، ضرورة الإصغاء، وحينئذٍ فقط، من أغوارِ قلبكَ المزدهر يمكنكَ أن تتكلّم، وسيسمعكَ الله”.
6
في مدينة “سكوبي” ولدت الأم تيريزا في 27 أغسطس/آب عام ،1910 بدأت طريق النور وهي في الثامنة عشرة عبر انضمامها لإرسالية “أخوات لوريتو” وهن جماعة من الراهبات الايرلنديات، وبعد شهور من التدريب في دبلن ارسلت الى الهند.
كرست جل وقتها للخدمة في أفقر الأحياء في كلكتا، “لقد توسعت الإرسالية الخيرية التي أنشأتها الأم تريزا، وباتت تضم 570 مركزا لخدمة المرضى والفقراء حول العالم، تتولاها أساسا 4500 راهبة، إلى جانب أخوية تتألف من 300 عضو، إضافة إلى ما يزيد على مائة ألف متطوع يعملون كلهم في مراكز تتولى العناية بمرضى الإيدز والبرص وسواها من الأمراض المعدية وغير القابلة للشفاء. إضافة إلى إطعام مئات الآلاف من الجائعين والعاجزين، ومراكز للرعاية الاجتماعية ومآوي الأيتام”.
قبل أن تموت في 5 سبتمبر/أيلول عام 1997 استطاعت أن تحقق حلمها الذي اعلنته حين تلقيها الجائزة والكامن في:
“العناية بالجائعين والعراة والمشردين والعاجزين والعميان والمنبوذين. كل هؤلاء البشر الذين يشعرون بأنهم غير مرغوب فيهم أو محرومون من العناية والمحبة. أولئك الذين يعتبرهم أفراد المجتمع عبئا عليهم فيتجنبونهم”.
***
هذا المقال كتبته الصديقة الشاعرة البحرينية الجميلة/النقية : فــــوزية السندي
ارسلته عبر الايميل لــــــي بعد أن نشرته جريدة الخليج الإماراتيـــة يوم السبت 7 من يونيو 2008
وإذ احببته جدا، اردت مشـــاركتم فيه
لكم وعليكم الســـلام
هناك ٤ تعليقات:
الله يرحمها
أما الغرور الثقافي, ليس من السهل التخلص منه
الله يرحمها
ترى ما اشوف الخط:)
مطقوق :
يا عزيز،لو أن نصف البشر يقرؤون بشكل حقيقي، لو أنهم فقط يتبصّرون بما تدعو إليه "التعاليم الإنسانية" الحقيقية، ويطبقونها في حيواتهم/تعاملاتهم مع الغيــر/ لـ كنّا "بشر" أكثر إتزانا.
والغرور الثقافي، جزء من "إدعاء" أكبر في كل شيــئ.
محبتي لك
Mok :
ويرحمنا ويتوب علينا من الزمن وأحداثه الغريبة..
الخط متوسط الحجم كما اختاره دائما،لكن سأنتبه له في مرات لاحقة....هلا بـ Mok
يتضاءل ذاتي أمام عظمة الأم تيريزا.. لست أراها إلا حجر كريم تصقله الأيام كلما مرت ذكراها بين الناس
تحياتي
إرسال تعليق